استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

شبح النووي.. حدود ردع الاحتواء؛ وإمكانيات الانخراط والانفجار!


يشهد الشرق الأوسط منذ عقود؛ توترًا مستمرًا بين طهران والكيان الإسرائيلي، إلا أن السنوات الأخيرة -بعد السابع من أكتوبر- كشفت عن تسارع غير مسبوق في المواجهة غير المباشرة بين الطرفين، والتي تطورت منذ عدة أيام إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.

مع دخول الملف النووي الإيراني وتعقيدات الاتفاق النووي؛ تزداد احتمالات الانفجار، خاصةً في ظل الدعم الأميركي الثابت لتل أبيب، مما يُنذر بتدويل الصراع وتوسعه بشكل غير مسبوق. 

يعتبر الكيان الإسرائيلي البرنامج النووي الإيراني؛ تهديدًا وجوديًا، بينما ترى طهران أن وجود إسرائيل بحد ذاته -خصوصًا سياساتها التوسعية واحتلالها لفلسطين- يشكل خطرًا على العالم الإسلامي، وقد تصاعدت حدّة الاستهدافات المتبادلة خلال السنوات الماضية، عبر العديد من الهجمات السيبرانية المتبادلة، اغتيالات غامضة لعلماء نوويين إيرانيين، قصف إسرائيلي لمواقع داخل سورية لمليشيات مدعومة من إيران ودعم طهران لفصائل المقاومة مثل: حزب الله اللبناني وحركة حماس الإسلامية.

فمنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018م في عهد الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب"؛ اتخذت طهران خطوات تصعيدية، تمثلت في رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تقارب 60%، تقييد التفتيش الدولي على منشآتها النووية وتطوير أجهزة طرد مركزي متطورة، وهو ما دفع الكيان الإسرائيلي لزيادة تهديداته بتنفيذ ضربة استباقية -خاصةً مع تقارير استخباراتية أميركية تشير إلى اقتراب إيران من العتبة النووية- (امتلاك القدرة دون اتخاذ قرار التصنيع).

ولعل هناك عدّة سيناريوهات محتملة لأي تصعيد عسكري مباشر من خلال ضربة إسرائيلية على ما تبقى من منشآت نووية، وهو ما قد يشعل المنطقة كلها، إذ أن الرد الإيراني لن يقتصر على الكيان الإسرائيلي؛ بل سيمتد إلى قواعد أميركية في الوطن العربي، أو من خلال رد إيراني جديد عبر وكلاء في العراق أو اليمن، لتجنب المواجهة المباشرة، مع الحفاظ على الضغط المستمر، أو سيناريو اندلاع حرب إقليميـــة شاملة -وهو السيناريو الأكثر خطورة- خصوصًا إذا تدخلت واشنطن عسكريًا بشكل مباشر كما جاء في بعض تصريحات السياسيين الأمريكيين. 

ماذا عن دور الولايات المتحدة الأمريكية!؟ 

تلعب واشنطن دورًا محوريًا في إدارة هذا التوتر، إذ تجمع بين الدعم العسكري والسياسي لدولة الكيان الإسرائيلي، من خلال تمويل منظومات الدفاع كـ "القبة الحديدية" ومنظومة "ثاد" وتقديم الدعم اللوجستي الكامل، وكذلك الضغط على طهران عبر العقوبات الاقتصادية ومحاولة إبقائها ضمن حدود "الردع دون الانفجار"، كما أنه هناك محاولة تجنّب حرب مفتوحة حفاظًا على مصالحها في المنطقة وعدم الانجرار إلى مستنقع جديد بعد تجارب العراق وأفغانستان.
لكن في حال نفذ الكيان الإسرائيلي ضربة مفاجئة لمنشآن نووية كبيرة دون تنسيق مسبق مع واشنطن؛ حينها ستكون الإدارة الأميركية أمام خيارين أحلاهما مُرُّ: دعم تل أبيب عسكريًا بشكل أكثر والدخول في الصراع الإسرائيلي-الإيراني، أو ضبط النفس وخسارة المصداقية أمام حليفها الأول في المنطقة!! 

أما عن المخاطر الإقليمية والدولية الناجمة عن هذا الصراع؛ تهديد أمن المنطقة العربية!! أي حرب شاملة مفتوحة؛ ستضرب اقتصاديات المنطقة ولا سيما الخليج العربي، وستهدد تصدير النفط، مما ينعكس على الأسواق العالمية، وعودة الفوضى الأمنية في ظل الانشغال الإقليمي بالصراع الإسرائيلي-الإيراني، مع احتمالية توسّع المحور الروسي-الصيني في المنطقة، مستغلين حالة الضعف الأميركي المحتملة بعد الحرب.

أخيرًا.. إن التوتر بين طهران والكيان الإسرائيلي لم يعد مجرد نزاع إقليمي فحسب؛ بل تحوّل إلى معادلة استراتيجية تتقاطع فيها مصالح القوى الكبرى، ويتداخل فيها البُعد النووي مع الطائفي والجغرافي. 
ومع كل خطوة تصعيدية جديدة؛ تقترب المنطقة من هاوية حرب قد لا تُبقِ ولا تذر، ويبقى السؤال الأهم: هل تمتلك العواصم المعنية ما يكفي من الحكمة لاحتواء الانفجار؛ أم أن شبح النووي هو من سيحكم النهاية!؟



20 يونيو 2025
✍🏻 الأغيد

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.