استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

نحو سياسة إنسانية عادلة


في زمن تسارعت فيه خطوات الثورة التقنية، أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز أدوات القوة والتأثير في القرن الحادي والعشرين، لكن السؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح ليس: "كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي؟" بل في خدمة أي قيم نُسخّره!؟

لقد أثبتت التجربة الغربية -بالرغم ما حققته من تقدم علمي وتكنولوجي- أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في الغالب كأداة لتعزيز المصالح السياسية والاقتصادية، حتى وإن جاء ذلك على حساب العدالة، الإنصاف وحقوق الإنسان، من حملات انتخابية تُصمَّم بخوارزميات تحليل سلوك الناخبين، إلى منصات رقمية تُوجَّه عمدًا لتضليل الرأي العام، وصولًا إلى تبرير انتهاكات إنسانية تحت ذرائع أمنية، وعليه بات الذكاء الاصطناعي شريكًا في سياسة النفوذ لا القيم، والربح لا الحق.

لكن هل هذا هو الوجه الوحيد للذكاء الاصطناعي؟ أم أننا قادرون على توجيهه ليكون أداة لإعادة الاعتبار للسياسة الأخلاقية النزيهة؟

السياسة القائمة على القيم والأخلاق والمبادئ:

لطالما حلمت المجتمعات التي تستلهم مرجعياتها من الدين والأخلاق والعدالة الاجتماعية بنموذج سياسي مختلف.. سياسة تحترم الإنسان، تضع الحق فوق المنفعة؛ وتُحاسب الحاكم قبل أن تُحاسب المحكوم، وهنا يظهر الذكاء الاصطناعي كفرصة نادرة لبناء سياسة أخلاقية في عالم تقوده الأرقام. 
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرصد تناقضات الخطاب السياسي، ويكشف ازدواجية المعايير؛ ويمنح الشعوب أدوات لتحليل الواقع بمعزل عن الإعلام الموجّه، أي شفافيه لا تزييف!! 

وكذلك من خلال تحليل السياسات الحكومية بناءً على آثارها الواقعية على مختلف الفئات، يمكن للنماذج الذكية أن تقترح سياسات تراعي الفقراء، تحمي البيئة؛ وتحترم الهوية الثقافية والدينية، تحت بند: عدالة مبنية على البيانات. 

بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن خلق نماذج استشرافية تُشرك المجتمع في صنع القرار، لا كأرقام في صناديق الاقتراع فحسب؛ بل كعقول وأصوات تُعبّر عن تطلعاتها من خلال مشاركة شعبية حقيقية. 

إن أنظمة ذكاء اصطناعي مبرمجة على القيم يمكنها أن تُظهر التناقضات في مواقف القوى الكبرى تجاه القضايا الإنسانية -من فلسطين إلى أوكرانيا- وتُفكّك لغة الخداع السياسي، فمن المهم مقاومة النفاق السياسي. 

كما علينا أن ندرك أن الذكاء الاصطناعي لا يحمل قيمة في ذاته؛ بل هو مرآة لمن يستخدمه، فإن كان في يد أصحاب النفوذ والمصالح؛ أصبح سلاحًا باردًا للسيطرة، وإن صار بيد أصحاب المبادئ والقيم؛ تحوّل إلى وسيلة بناء وإصلاح ممتازة، لأن التكنولوجيا بلا أخلاق؛ سلاح ذو حد واحد فقط!! 

الخلاصة:

أخيرًا.. إن المستقبل السياسي لا يجب أن يُترك فقط للتكنولوجيا وعالم الرقمنة؛ بل يجب أن يُبنى على وعي أخلاقي يوجّه هذه التكنولوجيا في الطريق الصحيح، فالذكاء الاصطناعي قادر على خدمة السياسة النبيلة، لكنه بحاجة إلى من يُبرمجه على ضوء الحق، لا على هوى المصالح! 
فهل نحن نملك -كمجتمعات تُؤمن بالعدالة والكرامة-  الشجاعة والرؤية لنقود هذه المرحلة؟

وهل ندرك أن السياسة الأخلاقية ليست حلمًا طوباويًا؛ بل مشروعًا واقعيًا يحتاج إلى أدوات والذكاء الاصطناعي أحدها!؟

✍🏻 الأغيد
02 يونيو 2025

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.