كانت أمتنا ذات يوم تتصدر مشهد الريادة في العالم.
صنعت الحدث، وغيرت مجرى التاريخ الإنساني، وصدّرت للعالم أعلامًا صنعوا المجد، وأرسوا دعائم العدل، وأسّسوا نظامًا يحفظ كرامة الإنسان ويقدّر رسالته في الحياة.
أول ما نزل على رسولنا ﷺ لم يكن سيفًا ولا شعارًا سياسيًا، بل كانت كلمة:
> "اقرأ"
الكلمة التي لولاها ما نهض الغرب، ولا ساد الشرق، ولا تطورت البشرية.
هي الكلمة التي فجّرت طاقات العقول، فشق الإنسان بها الأخاديد، وشيد بها الأبراج، واكتشف بها أسرار الكون، وما أودع الله فيه من قوانين وحكم وآيات.
هكذا كنا…
كنا أصحاب رسالة، نغيّر ونؤثر، ونُرسي القيم، ونقود الحضارات.
---
أما اليوم...
• فوجود بلا فاعلية،
• وكثرة بلا تأثير،
• وأوطان بلا معنى!
تصنع الأحداث أمام أعيننا،
• ترسم الخرائط الجيوسياسية،
• يتقاسم الكبار النفوذ والهيمنة،
• يمتلكون ترسانة الأسلحة، ويخترعون الأجهزة الذكية،
ثم يستخدمونها للتجسس علينا...
ونحن؟
نكتفي بالبكاء على الأطلال،
وندبّج خطب الحنين إلى عمر بن الخطاب وصلاح الدين،
وكأنّ الأرحام عقمت عن إنجاب القادة من جديد!
---
المنطقة الرمادية من التاريخ
اليوم نقف في "المنطقة الرمادية" من التاريخ:
• لا نصنع الأحداث، ولا نشارك فيها،
بل في أحسن الأحوال نكون أدوات،
وفي أسوأها… نكون الميدان لصراعات الكبار.
• نختلف في القضايا الهامشية،
• نبحث عن الفتاوى لتبرير العجز،
حتى أصبحت ثقافتنا ثقافة عجز وضعف!
نردد:
"اللهم اضرب الظالمين بالظالمين"
و*"اللهم أهلك المعتدين"*
وكأننا نخاف حتى من أن نكون جزءًا من قدر الله في قتال الظالمين ونصرة المستضعفين!
فما الحــــــــل؟
إذا أردنا أن نكون في دائرة التأثير وصناعة الحدث،
• فلابد أن نخرج من أسر العجز إلى سعة الفعل:
• من القول إلى العمل
• من الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن المشاهدة إلى صناعة الفعل.
• من ردة الفعل إلى المبادرة.
• من التلقي إلى التحليل ، والنقد، والتفسير.
• أن نعلمهم أن الإنسان رسالة، وأنه جزء من قدر الله في الإصلاح والبناء والتغيير.
• بالتحول من رد الفعل إلى الفعل والمبادرة.
• بإعادة بناء الوعي الجماعي: من أنا؟ من نحن؟ ما مسؤوليتنا؟
• بالتحرك في ميادين التأثير: الإعلام، التربية، الاقتصاد، العمل الشعبي، الكلمة.
خاتمـة:-
> لسنا أمة صغيرة، ولسنا شعبًا بلا تاريخ…
نحن أمة "اقرأ"، أمة محمد ﷺ،
ولكننا اخترنا البقاء على الهامش بينما يدور التاريخ في مكان آخر.
_ فالسؤال الذي يجب أن نواجه به ضمائرنا كل يوم هو:
"لماذا نحن على هامش الحدث؟ ومتى نعود إلى صلبه؟"
---
✍ هايل العواضي