استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

انتهاك السيادة.. خضوع سياسي أم تواطؤ دولي!؟


نائب أمريكي: القصف الإسرائيلي على سورية؛ يقوّض فرص السلام والاستقرار!!
بدايةً لا يمكن الحديث عن "سلام" حقيقي حين يكون أحد أطرافه قد انتهك سيادة الآخر، وداس على الأعراف الدولية؛ وسفك الدماء ببرود كولونيالي بحت. فكيف يمكن تبرير الترويج للسلام مع عدو متغطرس، بعد اعتداء صارخ على سيادة الجمهورية العربية السورية!؟

هنا، لا نتحدث عن حروب ماضٍ سحيق؛ بل عن جرائم موثّقة بالصوت والصورة، اعتداءات علنية مصحوبةً بصمتٍ عالميّ!
وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، فإن السلام لا يعني مجرّد غياب الحرب؛ بل احترام سيادة الدول، احترام حقوق الإنسان، تسوية النزاعات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها -المادة الثانية من الميثاق-، وعليه فإن أي عملية "سلام" تُبرم دون محاسبة المعتدي وتعويض المتضرّر؛ هي عملية سلام زائفة!!

في القانون الدولي، إن أي اعتداء على دولة ذات سيادة يُعد جريمة خطيرة!! فبحسب ميثاق الأمم المتحدة يمنع استخدام القوة إلا في حال الدفاع عن النفس أو بقرار من مجلس الأمن، لأن مبدأ عدم التدخل؛ هو الحجر الأساس في النظام الدولي!!
وكذلك تصنّف المحكمة الجنائية الدولية أي عدوان على دولة ذات سيادة؛ كـ جريمة عدوان، ومع ذلك نجد أن قوى كبرى مثل الكيان الغاصب يتجاوز هذه القوانين، ويفرض سلامًا من طرف واحد فقط، وكأنه يصدر عفوًا عن نفسه!!

إن التصعيد العسكري الذي شهدته محافظة السويداء السورية جنوب البلاد؛ يعود إلى وجود ميليشيا انفصالية لها أجندة خارجية، أو على الأقل فيدرالية لدى بعض الفصائل المسلحة، وهذا ما استدعى تدخلًا سريعًا من الدولة السورية الفتيّة، لأن نجاح حركة ذات أجندة انفصالية خارجية في منطقة ما؛ سينتقل إلى مناطق أخرى، مما يُقوّض وحدة الأراضي السورية، وهذا ما ترفضه سيادة دمشق والشعب السوري ككل.
إن العلاقات القوية التي تتمتع بها تلك الميليشيا التابعة لـ "حكمت الهجري" مع الكيان الغاصب يخوّلها أن تُقنعه بأنها تستطيع مساعدته في تأمين حدوده الشمالية، وذلك من خلال رفع السلاح في وجه الدولة، وتأسيس منطقة عازلة، لكن حسابات الكيان تختلف عن حسابات "الهجري"، ولا يمكن لهذه الميليشيات المساهمة في فعل ذلك.

لذلك، السلام الحقيقي يحتاج إلى عدالة انتقالية، محاسبة الجناة وضمانات سيادية يوفرها المجتمع الدولي ومنظماته، وليس إلى تطبيع مشروط بالخضوع!! وعليه، فإن دمشــــق لن تتنازل عن حقها السيادي في بسط سلطتها على كامل التراب السوري، وهذا الأمر بالأصل مدعوم بتوافق إقليمي ودولي في سبيل دعم استقرار سورية، لكون استقرارها يعد مدخلًا لاستقرار الشرق الأوسط بالكامل، وبالرغم من أن واشنطن تدعم بشكل واضح استقرار دمشق، وتدّعي عدم دعم أي محاولات انفصالية أو تقسيم، سواء في الجنوب السوري أو الشرق الشمالي السوري "قسد"، لأنها تسعى لاستقرارٍ تام لمنطقة الشرق الأوسط، ما يمكّنها من التركيز على بكين بشكل أكثر، كما أن الدول الإقليمية تدعم استقرار دمشق ووحدة أراضيها، لذلك تُعد المشاريع الانفصالية بحكم الميت!! إلا أن ازدواجية المعايير الدولية في تطبيق المواثيق؛ تتجلّى من جديد، حيث يتم تجاهل هذه المبادئ حين يكون المعتدي حليفًا أو يمثل مصالحه، وهنا بالطبع تكمن إشكالية سياسية وأخلاقية.

وأخيرًا.. إن عملية السلام لا تُبنى بالشعارات العاطفية أو على الإنكار، ولا يمكن بناء مستقبل مستقر دون الاعتراف بالحقيقة، ولا يمكن للمصالحة أن تنمو في ظل تجاهل العدالة، فالسلام الزائف؛ ليس إلا استراحة للمعتدي، واستمرار للعدوان الغاشم بأدوات ناعمة.
كما ينبغي على الدول والمجتمعات الساعية للعدالة، أن ترفض أي عملية سلام لا تقوم على ثلاثة: (الحق، الكرامة والسيادة) فالتاريخ لا يرحم من فرّط، ولا يُنصف من سكت!!


17 يوليو 2025
الأغيد السيد علي

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.