استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

ما الزمن!؟ وما علاقتنا به!؟


في غمرة السعي والتقلب، نغفل غالبًا عن أحد أكثر الأسئلة جذرية في تشكيل وعينا:
ما الزمن؟ وما علاقتنا به؟
هل نمر فيه، أم يمر فينا؟
هل هو سياق خارجي محايد، أم نسيج داخلي ينسج وعينا وتاريخنا وتكليفنا؟

من هنا، أرى أن من الضروري أن نمتلك رؤية تأملية واضحة المعالم تجاه الزمن، لا كمقاييس فيزيائية تتعاقب، بل كحقيقة وجودية تُعيد تشكيل الإنسان في كل لحظة.

فـالماضي، مثلًا، ليس كتلة مغلقة من الصور، ولا مجرد مَعلم عاطفي نستدعيه حين يجفّ الحاضر، بل هو مستودع للسنن، ومرايا لما أنتجنا وما انتجنا منه.
هو ليس للنوستالجيا ولا للجلد، بل للفهم، والاحتضان، والتأمل السنني.
فما وقع، لم يُطوَ، بل يُستعاد في الحاضر بصورة ما، في اختيار، أو سلوك، أو رؤية.

أما الحاضر، فهو النقطة الوحيدة التي نملكها بين وهمين:
وهم الماضي الذي نظن أنه يُعيد ذاته، ووهم المستقبل الذي نخاله سينقذنا.
الحاضر هو مسرح الإرادة والتكليف والاختبار، وهو اللحظة التي تتكشف فيها حقيقة الإنسان: هل يرى؟ هل يعي؟ هل يتحرك من وعي أم من فرار؟

والمستقبل، حين يُنزَع من سنن الله ويُترك لوهم الأماني أو رعب المجهول، يتحول إلى إله صغير، نرجوه أو نخافه، دون وعي.
لكنه حين يُرى كامتداد للنية والعمل، يصبح بوابة للأمل المسؤول، لا للوهم الهارب.

هذه الأزمنة، إذن، ليست وحدات معزولة.
إنها شبكة مترابطة، تنبض في قلب الوعي الإنساني، وتنعكس في فعله ونضجه ونهايته.
ومن لا يدرك كيف تتفاعل هذه الأزمنة في داخله، يعيش ممزقًا:
تائهًا في ماضٍ لا يُروى، أو منهزمًا في حاضر لا يُفهم، أو معلّقًا في مستقبل لا يُبنى.

ولذلك، أجد أن الحاجة اليوم ملحّة لرؤية فلسفية متماسكة تُنير لنا هذه العلاقة.
رؤية تنطلق من مركزية الغاية، لا من استهلاك الزمن.
رؤية تؤسس للزمن كأحد مكونات الوجود الأخلاقي والسنني، لا كوعاء عابر لما يحدث فقط.

إننا، في غياب هذه الرؤية، نتوهم أننا نعيش في الزمن، بينما الحقيقة أن الزمن يعيش فينا، يشكّل وعينا، وقراراتنا، ومآلنا.
فهل آن لنا أن نكفّ عن الهروب بين أطلال الماضي ومخاوف المستقبل، ونبدأ بطرح السؤال الحقيقي:
كيف نرى الزمن؟
ولأي غاية نمرّ فيه؟


ريم سويد

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.