حين يُهان النُبل في أرضٍ لا تعرف مقاديره
في زحام الحياة، قد يُصبح النُبل غربة، وقد يُغدو الإخلاص عبئًا ثقيلاً يُثقل كاهل صاحبه، لا لعيبٍ فيه، بل لأن الأرض التي غرس فيه بذوره لا تأويه، والسماء التي يرفع إليها عينيه لا تمطره.
كم من كفٍّ نزيهٍ امتد ليعطي، فَجُوزي بالنكران؟
وكم من طاقةٍ نبيلة أُفرغت في مساحاتٍ لا تعرف للنور بابًا، ولا للعرفان طريقًا؟
كم من قلبٍ مخلص يُقدّم أجمل ما عنده، فلا يلقَ إلا التبرم أو التجاهل، لأنه – ببساطة – فاض في غير أنهره؟
في هذه الدنيا المتسارعة، يغدو الكفيار الذي أُعدّ بعنايةٍ وتفرّد، غريبًا إن قُدّم على ورق جرائد مبلّل على رصيف شعبي.
ويغدو المتفاني المُتقن، مستنزفًا حين يعمل في بيئة تُعلي من التملّق وتُقصي الكفاءة.
ليست الأزمة في الأداء... بل في المنصة التي يُؤدى عليها.
ليست المشكلة في الروح، بل في المناخ المحيط بها، في الجدران التي تُطفئ صدى الصوت، وفي الأعين التي لا تُبصر غير اللمعان الزائف.
كثيرًا ما التقيتُ على كرسي الاستشارات بأرواح نبيلة، ذات طاقات راقية، لكنها تتآكل بصمت.
هم لا يفتقرون إلى الموهبة وكرم العطاء، بل يفيضون به...
لكنهم أُلقي بهم في مواطن لا تشبههم، في أماكن تهزأ بالحلم، وتُكافئ التنازل، وترى في الصمت ضعفًا لا حكمة.
في كل واحدةٍ من تلك القصص، أدركت أن الغربة ليست دائمًا عن الوطن، بل عن القيمة.
غربة النبيل وسط العبث، غربة المحترف وسط الفوضى، غربة الشغوف في حضرة اللامبالاة.
ليس من العدالة أن نحاكم زهرًا لم يُزهر لأنه زُرع في تربة مالحة.
ولا أن نلوم الشموع لأنها انطفأت حين حاصرها الريح العاتية.
في المجتمعات التي لا تُكرم الطاقات، يُصبح الوفاء غباءً، والإتقان مثارًا للسخرية، والحلم جريمة يُعاقَب صاحبها.
لكنّ الإنسان النبيل، حتى حين يُخذل، لا يتخلى عن نُبله.
يحتفظ بملامحه الجميلة في وجه القبح، ويصبر لا خنوعًا، بل ترفُّعًا.
فيا كل نفسٍ أتعبها الكفاح في موضع لا يُشبهها…
ويا كل يدٍ تعطي ولا تُكافأ…
ويا كل حلمٍ يوشك أن يذبل في بيئة لا تُدرك ألوانه…
اعلم أن الله لا يُضيع عملك، ولا يُسقط دمعك، ولا ينسى صبرك.
وأن انتقالك من أرضٍ لا تليق بك، ليس هروبًا… بل نجاة.
فالذهب لا يفقد قيمته إن سقط في الوحل، لكنه لا يضيء حتى يُلف في الحرير ..
ابحث عن موطنك… عن بيئتك التي تراك وتحتضنك وتثمِّن نورك.
ولا تبقَ طويلًا حيث يتآكل قلبك، ولو كنت عظيمًا في العطاء.
فالكفيار لا يُقدّم على ورق جرائد في السوق الشعبي
#فاطمة_بنت_الرفاعي
اضافة من محمد بن عزة:
روعة .. وصرخة إصلاح جذري!!
أن توضع الأمور في أماكنها المناسبة..عبر وضع الأشخاص في مواقعهم الملائمة
وذلك هيكل العدل وروحه..
على العكس من نمط *الذين يبغونها عوجا*
نمط ظالم..ظالم من أساسه..ومن حرص كل متنفذ فيه على وضع الأمور على غير مواضعها..وعلى توظيف الأشخاص أدوارا لا تليق بما هم عليه من :
مواهب
وتخصصات
وأخلاق
وسير ذاتية
وإخلاص.....
شتان بين المنهج السوي الذي يتوخى الصراط المستقيم
وبين المنهج المصر على *ابتغائها عوجا*
حيث كل ما هو حق
وخير
وجمال
يخيفهم من أول لمحة!!
حتى قبل فهم أول كلمة أو خطوة ..فكيف بالإنصات لكل المشروع!!؟؟
وللقصة كلها!!؟؟
ولمنتهى ومرمى وآفاق الشخص !!؟
فكيف بالمجموعة _إن جمعت في هكذا زوبعة ما تكاد تكف عن التحطيم!!؟؟
تلك جائحة وأد النهضات: بيئة الذين يبغونها عوجا.
##أظن أن رباط الامر كله يبدأ من *الأسرة*
هناك، حيث يفتح الكائن البشري الفريد، عينيه أول مرة على الوجود!!
على هذا الوجود المدهش الملغز السنني !!
الرائع والجاد والخطير!!
هناك تبدأ خيوط النسج عملها!!
ولذلك يسعى الذين يبغونها عوجا الى تحطيم الأسرة ..
من أجل تحطيم الإنسان من حيث هو.
وإذا تحطم الإنسان بداية في مجاله الأصلي السليم ، يسهل بعد ذلك *تعويجه* ليألف العيش بلا مجال أسري البتة!!
ليكون من جند إبليس مباشرة!!
يولد ، أو ينتج بطريقة أو بأخرى، ثم يخضع للبرمجة ..
حسب الطلب والسوق والحرب والشركة ...
وليس حسب ما خلق وجوديا وكونيا وروحيا لأجله!!
الى أن ينهار المجال الحيوي العالمي المشترك على رؤوس الجميع
ويحكم!!
بل ويلكم!!
ألهذه الدنايا المريضة تم تمهيد وترتيب وتأمين كل هذه المجرات والكون الفسيح ،
والسنن العادلة الراسخة حتى توجدوا أحرارا !!؟؟
أحرارا في عمق ذواتكم
وفي عمق الموضوع حولكم
حتى إنكم لن تنصدموا بآية تلغي التحرر
ولا بسنة تهدم التسخير
ولا تلتقوا بكائن يزاحم في الإستخلاف!!؟
إلا من أنفسكم!!؟؟
فها تقدمكم _المغرور ..الجشع..الأعمى ..المحروم من وقفة احترام وجودي لموقعكم،
يرد على حاصل سعيكم الغالب..
موضوعيا.
فلتتحملوا المسؤولية جميعا
الذين يبغونها عوجا
والمتفرجين
سنرى :
من الغالبون،
الموضوعون هنا بعلم
أم الواضعون
تلك صرخة في وجه كل الذين يبغونها عوجا
عمدا أو قبولا
لعلنا نقف وقفة دهشة واحترام وجودي
فنقول في صف عالمي إنساني متحد:
(الحمد لله رب العالمين....)