استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

خارطة النهوض: كيف نحول مجتمعاتنا من الضعف إلى القوة؟


من الانهيار إلى القوة: كيف نبني مجتمعًا قويًا؟

في عالم اليوم، لا تُقاس قوة الدول فقط بعدد دباباتها أو صواريخها النووية، بل بمدى تماسك مجتمعاتها، وفاعلية مؤسساتها، وإنتاجية أفرادها، وثراء أفكارها. المجتمع الذي يتحرك نحو الانتحار لا يحتاج إلى عدو خارجي؛ فهو يستهلك ذاته بنفسه، كما هو الحال في كثير من مجتمعاتنا العربية التي تعاني من نسب طلاق تقترب من 80%، وتردٍّ تعليمي، وسلوك اجتماعي مريض، وتخلف فكري، وغياب إنتاجية، وانتشار أفكار ضالة أو ميتة، وقيادات خائنة أو عاجزة.

مظاهر الانهيار المجتمعي

حين ننظر في الواقع، نجد أن أغلب مؤشرات الانهيار الاجتماعي واضحة:
  • نسبة الطلاق المرتفعة: في بعض الدول العربية مثل الكويت ومصر، تصل نسب الطلاق إلى ما بين 35% و60%، وفي مناطق معينة تجاوزت 70%. الطلاق هنا لا يعني فقط فشل العلاقة الزوجية، بل هو مؤشر على تفكك الأسرة، وهي اللبنة الأولى لأي مجتمع.
  • التعليم السيئ: تراجع جودة التعليم ينعكس في ضعف الخريجين، وغياب مهارات التفكير النقدي، والاعتماد على الحفظ والتلقين. وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن غالبية الدول العربية تحتل مراكز متأخرة جدًا في مؤشرات جودة التعليم.
  • انعدام الإنتاجية: تشير الإحصاءات إلى أن متوسط إنتاجية العامل العربي لا يتجاوز 20% من نظيره في الدول المتقدمة، ما يعكس خللًا في منظومة العمل والمهارات.
  • انفصال المجتمع عن القيم والهوية: في ظل فوضى إعلامية وفكرية، ينتشر فكر ضال، أو ميت لا ينتج شيئًا، أو متطرف قاتل يسعى للهدم.
  • غياب المجتمع المدني الحقيقي: في حين تمتلك أمريكا أكثر من 1.5 مليون مؤسسة غير ربحية، بما يعادل مؤسسة لكل 300 مواطن، نجد أن الكيان الصهيوني لديه 45,000 مؤسسة رغم قلة سكانه، بينما مصر مثلاً لا تملك سوى حوالي 45,000 مؤسسة أهلية، ما يعني أنها بحاجة إلى أكثر من 400,000 مؤسسة لتغطية حجمها السكاني البالغ أكثر من 110 ملايين نسمة.

لماذا أمريكا مجتمع قوي؟

عندما نصف أمريكا بأنها دولة قوية، فنحن لا نشير فقط إلى قوتها العسكرية أو الاقتصادية، بل إلى شبكة المجتمع المدني الهائلة التي تسند الدولة والمواطن معًا. كل مؤسسة أهلية – سواء كانت تعليمية، أو ثقافية، أو حقوقية، أو بيئية، أو صحية – تساهم في بناء المواطنة، وتحقيق العدالة، وسد الثغرات التي تعجز الحكومة عن ملئها.
هذه المؤسسات تلعب أدوارًا جوهرية في:
  • حل النزاعات الاجتماعية.
  • تطوير التعليم البديل.
  • دعم الفئات المهمشة.
  • صناعة المبادرات الشبابية.
  • نقل المجتمع من الاعتماد إلى المبادرة.

الحل: كيف نبني مجتمعًا قويًا؟

  • بناء قاعدة مجتمعية أهلية قوية:
  • إنشاء الجمعيات والمؤسسات المتخصصة في كل حي وقرية ومدينة.
  • تشجيع العمل التطوعي وإدخاله في المناهج الدراسية.
  • سنّ تشريعات تحفز على إنشاء وتطوير المؤسسات غير الربحية.
  • إصلاح التعليم جذريًا:
  • تحويل التعليم إلى مشروع وطني نهضوي.
  • اعتماد طرق التعلم النشط وتنمية التفكير الناقد.
  • ربط التعليم بسوق العمل والقيم الوطنية.
  • إعادة بناء الأسرة:
  • برامج توعية للمقبلين على الزواج.
  • دعم مراكز الإرشاد الأسري والتربوي.
  • تعزيز القيم الأسرية عبر الإعلام والمؤسسات.
  • إطلاق المشاريع الشبابية المنتجة:
  • تحويل الطاقات المعطلة إلى مشروعات إنتاجية.
  • دعم الابتكار والمبادرات الصغيرة.
  • تدريب الشباب على مهارات ريادة الأعمال.
  • بناء قيادة مجتمعية جديدة:
  • إعداد قيادات نزيهة، واعية، مثقفة.
  • ربط القيادة بالخدمة لا بالتحكم والسيطرة.
  • غرس مفهوم القدوة والإصلاح لا السلطة والفساد.
  • إعادة تعريف الفكر المجتمعي:
  • إحياء الفكر الحي المنتج للحلول.

التخلص من الأفكار القاتلة كما بينها مالك بن نبي مثل

  1. الفهم المشوه للقدر: كأن يقال "نحن متخلفون لأن الله أراد ذلك"، أو "هذا قدرنا".
  2. التدين السلبي: التركيز على الشعائر الفردية بمعزل عن المسؤولية الاجتماعية والحضارية.
  3. العقلية التبريرية: مثل "ما في اليد حيلة" أو "العدو أقوى منا".
  4. التقليد الأعمى للغرب: من غير وعي ولا نقد، مما يؤدي لفقدان الهوية.
  5. الرفض الأعمى لكل جديد: سواء من داخل الأمة أو خارجها.
  6. الركون إلى الماضي وتمجيده دون إنتاج الحاضر.
  7. الطائفية والعرقية والجهوية: التي تفتت وحدة المجتمع..
  8. بناء رؤية مجتمعية قائمة على القيم والعلم والرحمة.

الخلاصة

لن تنهض أمة بلا مجتمع قوي، ولن يقوى المجتمع بلا مؤسسات فاعلة، وفكر حي، وأفراد منتجين، وأسر مستقرة، وقيادة نزيهة. الإنقاذ يبدأ بإرادة التغيير من الداخل، لا عبر الاتكاء على الخارج. وكل فرد في هذا المجتمع شريك في البناء أو الهدم. فاختر دورك.


د.سامر الجنيدي_القدس

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.