استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

الأم استعارة عن الحب والتضحيةُ


             الأم! ما أرقَّ هذا اللّفظ، وما أعذبَ هذا الصدى! كلمةٌ إذا جرت على الألسن أشرقت بها القلوبُ، وامتلأت الأرواحُ صفاءً وبهاءً. إنَّها كلمةٌ تحمل في حروفها دنيا من الحنان، وبحراً من الشفقة، وسحاباً يمطر رحمةً وبركةً.
           الأم وجودٌ مقدّس، قلبٌ طاهر، ونبعُ صفاء. حبُّها لا يعرف الرياء، وحنانُها لا يعرف الزوال. نظرتها دواء، ولمستُها شفاء، وكلماتُها لآلئ مضيئة، تدخل القلوبَ فتحييها، وتلامس الأرواح فتنعشها.
              إذا نظرتَ إلى وجهها المشرق رأيتَ فيه البِشرَ والأمل، وإذا سمعتَ تبسّمها تبدّدَتِ الهموم، وانقشعَت الغموم. في عينَيها بحرٌ من الأمان، وفي دعواتها مفتاحُ السعادةِ والاطمئنان.
ولذلك قال القائل:
أمّاهُ يا نبضَ الفؤادِ ومعقلي * يا جَنّةً طابتْ بغيرِ ثَوابِ
إنّي ذَكرتُكِ في الصّلاةِ وخافقي * يَرجو رضاكِ برفعةٍ واقترابِ
وقال آخر:
لولاكِ ما ذاقَ الفؤادُ حلاوةً * أو عاشَ قلبٌ بالهناءِ قريرَا
أنتِ الحياةُ ونبعُ كلِّ كرامةٍ * أنتِ الضياءُ ومنبعُ التطهيرَا

مكانة الوالدين في ضوء القرآن والحديث
           سَلوا القرآنَ عن مكانة الوالدين، تجدوا المحورة واضحة في قوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾
أي: لا تؤذوهما بلفظٍ ولا فعل، بل خاطبوهما بالقول الكريم، وكونوا لهما عوناً وسنداً في شيخوختهما وضعفهما.
وجاء في الحديث: «رِضا اللهِ في رِضا الوالد، وسخَطُ اللهِ في سخَطِ الوالد» (رواه الترمذي).

         فطوبى لمن قبَّل أقدامهما، وخدمهما في حياتهما، وحافظ على ذِكرهما بعد وفاتهما، فإنَّ دعاءهما بركةٌ لا تُرد، ورِضاهما سبيلٌ إلى الجنة.
فيا شباب الإسلام! تقدَّموا إلى والديكم، قبّلوا أقدامهما، واطلبوا بركاتهما، فإنَّ في ذلك رفعةً في الدنيا، وسعادةً في الآخرة. لا تتركوهم في عُزلةٍ أو ضيقٍ، ولا تجعلوا لهم طعاماً وشراباً منفصلاً كالأجانب، فإنها عقوقٌ وظلم. واعلموا أنكم غداً ستُصبحون والدين، فكما تفعلون يُفعل بكم.
وأيتها الأخوات! إذا دخلتنَّ بيت الزوجية فلا تنسين والديكنَّ، لا تقطعن صلتكنَّ بهما، ولا تُحرّضن أزواجكنَّ على عقوق أهلهم، فإنَّ برّ الوالدين بعد الزواج من أعظم القُرَب. وتذكّرن أنكنَّ يوماً ما ستصبحن أمهات، فاعمَلن بعقلٍ وحكمة.
          وإن توفّي الوالدان فلا تنسوهما، أحيوا ذِكرهما بالدعاء والصدقة، وأهدوا إليهما ثوابَ الأعمال الصالحة، فإنّ ذلك نورٌ لهما في قبريهما.
كما قيل:
أبَوَايَ قد رحلا فمَن ليَ بعدَهم * أدعو الإلهَ بأن يُفيضَ غِفارَا
ما زالَ ذِكرُهما يلوحُ بمهجتي * نوراً يُضيءُ الدَّربَ والأفكارَا

           الوالدان أعظمُ نعمةٍ للإنسان ، وهما أعظمُ إحسانا ، لا يُمكن أن يُؤدَّى لهما الجزاء. فاحرصوا على رضاهما، فإنَّ في رضاهما حياةً، وفي برِّهما فوزاً بجناتِ النعيم.
قال رسول الله ﷺ: «الجنةُ تحت أقدامِ الأمهات». فتمسّكوا بهذه البشارة، وكونوا من أهل السعادة والفلاح.
وفقنا الله ما يحب ويرضى ، وأوزعنا خدمتهما ، آمين.


 أبو خالد بن ناظر الدين القاسمي 
خريج دار العلوم ديوبند الهند.

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.