استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

العطاء بين تزكية الفرد وبناء المجتمع


ليس العطاء فعلًا زائدًا عن الحاجة ، ولا الصدقة ترفًا إيمانيًا يُمارَس عند الوفرة فقط، بل هما من أعمق السنن التي تحفظ توازن الإنسان والمجتمع معًا .
فالصدقة في جوهرها ليست انتقال مالٍ من يدٍ إلى يد ، بل انتقال رحمة ، وبعث أمل، وتجديد معنى الاستخلاف في الأرض .

وفي زمنٍ تتكاثر فيه الأزمات ، وتضيق فيه صدور الناس بما حملوا من هموم ، تبرز الصدقة كأحد أكثر الأبواب بساطة وصدقًا ، بابٌ لا يحتاج إلى إذن ، ولا إلى جاه، بل إلى قلبٍ حيّ ونيّة صادقة .
في هذا الفصل ، إضاءة على بعض فضائل الصدقة وآثارها ، لا على سبيل الحصر ، بل على سبيل التذكير ، لعلّها توقظ في النفس شوق البذل ، وفي القلب لذّة العطاء .

أولًا: أثر الصدقة في الفرد وتزكية النفس

١- الصدقة بابٌ من أبواب الجنة .
قال ﷺ : «إن في الجنة غرفًا… لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام ، وصلى بالليل والناس نيام» (الترمذي) .
٢- الصدقة من أفضل الأعمال الصالحات، وأفضلها إطعام الطعام، لما فيه من إحياء النفوس ، وجبر الخواطر ، وسدّ الحاجات الأساسية .
٣- الصدقة تظل صاحبها يوم القيامة، وتفكّه من النار .
قال ﷺ: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» (متفق عليه).
٤- الصدقة تُطفئ غضب الرب ، وتقي من حرّ القبور .
قال ﷺ: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار» (متفق عليه).
٥- الصدقة تطهيرٌ وتزكيةٌ للنفس ، ومضاعفةٌ للحسنات .
قال تعالى : ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (التوبة) .
٦- الصدقة سبب سرور المتصدق، ونضرة وجهه يوم القيامة ، وطمأنينة قلبه في الدنيا .
٧- الصدقة سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات ، ولا سيما صدقة السر.
قال ﷺ : «إن صدقة السر تطفئ غضب الرب» (الطبراني) .
٨- الصدقة من المبشرات بحسن الخاتمة ، وسبب لدعاء الملائكة للمنفقين .
٩- الصدقة أمانٌ من الخوف يوم الفزع الأكبر ، وسبب لعدم الحزن على ما فات .
١٠- الصدقة أمارة من أمارات الجود ، وعلامة من علامات الكرم ، ودليل على سلامة القلب من الشح .

وهنا لا يعود الحديث عن الصدقة بوصفها عبادة فردية فحسب ، بل بوصفها قوة هادئة تُعيد ترتيب المجتمع من الداخل ، وتمنحه توازنًا لا تصنعه القوانين وحدها .

ثانيًا: أثر الصدقة في المجتمع والحياة العامة 
١-  الصدقة حين تُمارَس بوعي واستمرار ، تتحول من فعل فردي إلى ثقافة مجتمعية ، ومن مساعدة عابرة إلى شبكة أمان اجتماعي .
٢- بها تُسد فجوات الفقر ، ويُخفَّف الاحتقان ، وتُحفظ كرامة المحتاج ، ويُعاد دمج الضعفاء في دورة الحياة والإنتاج . 
٣- المجتمعات التي يسري فيها خُلُق البذل ، تقلّ فيها الجريمة ، ويقوى فيها التراحم ، ويشعر أفرادها أن هناك من يراهم ويسندهم .
٤-  الصدقة سبب لمحبة الناس للمتصدق ، وثوابها يصل إلى كل من شارك فيها بنيّة أو دلالة أو إعانة.
٥- الصدقة سبب في استجابة الدعاء، وكشف الكرب ، وتيسير الأمور العامة والخاصة .
٦- الصدقة تدفع البلاء، وتسد أبوابًا من السوء في الدنيا.
قال ﷺ: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء» (الطبراني) . 
٧- الصدقة سبب لزيادة العمر ، وبركة المال ، وسعة الرزق ، والنصر والتوفيق . ٨- الصدقة علاجٌ ودواءٌ وشفاء ، وقد يجبر الله بها كسرًا لا يلتئم بغيرها .
٩- الصدقة تمنع ميتة السوء ، وتقي من الحرق والغرق والسرق بإذن الله .
١٠- أجر الصدقة ثابت، ولو كانت على بهيمة أو طير، فكل كبدٍ رطبةٍ فيها أجر .

وأخيراً :  ليست الصدقة مجرّد مالٍ يُنفق ، بل هي عبادة ، وسرّ بركة ، وباب مفتوح لا يُغلق بينك وبين الله .
وقد تكون الصدقة التي تخرجها اليوم هي ذاتها التي تُنقذك غدًا من بلاءٍ لم تره ، أو تفتح لك بابًا لم تكن تعلم بوجوده .
فربّ صدقةٍ خفيةٍ غيّرت قدرًا ، وربّ دعوةٍ صادقةٍ من محتاجٍ أضاءت دربك وأنت لا تدري . 


زياد ريس 
١٦/١٢/٢٠٢٥





مقال داعم:

بارك الله فيك أستاذنا الكريم 
وتقبل الله منكم حسن التذكير وبيان الخير في أمور الصدقات

وبما أننا ضمن مجموعات فكر النهضة وإعداد جيل النهضة،، فسأحاول عمل جسر بين مقالكم وما نحن بصدده.. وهو قريب..

قريب بفضل إشارتكم الى موقع الصدقات *بين تزكية الفرد وبناء المجتمع*

أقول:
لكي تتبين أهمية هذا الموقع الذي عنون به الكاتب الكريم مقاله، يكفي أن ننظر الى حال الإنسان من حيث هو فرد-في المجتمعات الفردانية!!
ومن حيث هو ضعف!!

فخلال مراحل القوة،، والقدرة على الإنتاج والكفاية،، يتمتع الأفراد بحاصل كسبهم!! وتدخر لهم الدولة تقاعدات جمة لمراحل ضعفهم !!

فيبدو من ذلك كله أنهم حققوا الحماية طيلة عمرهم!!

لكن،،
هل تخلصوا من الأنانية !!؟؟
من شعور كل فرد أنه كيان وحيد!!؟؟
وأن الآخرين هم الجحيم!!
كما عبر سارتر..

وقد يرى هذا النقص النفسي الذي يغطي فراغا وجوديا، في مناطق ومراحل الضعف!!

عند حدود عجز الطب النفسي!!
وعند حدود رعاية المسنين!!

وعند توقف رعاية اليتامى عن أن تنتج الرحمة وصدق العناية لأطفال الغير ،،
بل تقدم الواجب المنصوص قانونيا فحسب!!

مخرجات تلكم الفراغات هي ما يكشف عن أهمية العطاء الإنساني المحض إنساني المباشر والكريم!!

ذلك الذي تمنحه لنا ثقافتنا الأصيلة التي تسقى من 
الفطرة السليمة ومكارم الأخلاق،،
وتدعمها السيرة النبوية العطرة!!
وفوق كل ذلك، هي القرآن حين يصور ماهية الإنسان!!


ولكن أيضا،،
وهذا بيت القصيد!!

هل نسير بمجتمعاتنا حقا نحو هذا المقام!!؟؟

أم أن أغلب الواقع أقل مما في الغرب من حسن الرعاية القانونية !!
وأبعد أيضا عن الثقافة المسلمة الأصيلة!!؟؟

كيف هو حال اليتامى في مؤسسات الرعاية!!؟
والفقراء في أحياء الصفيح!!؟؟

إننا إذن بحاجة إلى هيكلة الصدقات والعلاقات معا حتى تكون مؤثرة باطراد  نحو توحيد الجهود لبناء الثقافة الأصيلة ولتقنين القيم والمعاملات ..
والوعي الجماعي باتجاه المجتمع ووظيفته الحضارية في عصرنا، أمر حاشد للهمم حتى تقدر معنى العطاء وأهمية بناء المجتمع لكيون كالجسد الحي !!

منذ الولادة حتى الوفاة 

وليس محض ركام من أفراد كل في جزيرته المعزولة!!

ولا حتى محض ركام من الجماعات المنغلقة كل في تحزبه الخاص!!

دمتم ملهمين لنا وللقراء جميعا 

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.