استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

عزلة دولية في الأفق.. قراءة استراتيجية لمستقبل الوطن العربي والإسلامي


في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة المحاصر وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين من النساء والأطفال؛ تتزايد الأصوات الدولية المنددة بسياسات الاحتلال الإسرائيلي، مما يطرح تساؤلًا جديدًا: هل بات الاحتلال الإسرائيلي على أعتاب عزلة دولية حقيقية؟ وهل هذا التحول في المواقف الدولية قد يؤدي إلى إعادة رسم المشهد الجيوسياسي في الوطن العربي؟


شهدت الشهور الأخيرة تحوّلًا ملحوظًا في الرأي العام العالمي تجاه الاحتلال الإسرائيلي، فمن مسيرات تضامنية حاشدة في العواصم الأوروبية؛ إلى قرارات قضائية ومذكرات اعتقال في محاكم دولية تطالب بالتحقيق في جرائم حرب، مما يزيد الضغط على الكيان، ومن أهم القرارات دعوة جنوب أفريقية لمقاضاة قانونية في محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك بلدان أمريكا اللاتينية، مثل: (كولومبيا وبوليفيا) قطعتا علاقاتهما أو جمدتهما، كما شهدتزالبرلمانات الأوروبية العديد من  النقاشات الحادة حول وقف تصدير السلاح للاحتلال، أما عن موقف الجامعات الغربية؛ فقد شهدت حركات طلابية مؤيدة لفلسطين وطالبت بسحب الاستثمارات الاقتصادية والعسكرية من الاحتلال. 


إن جميع هذه المؤشرات توحي بأن القاعدة الداعمة للاحتلال الإسرائيلي؛ تتعرض لهزة عميقة، وأن شرعيتها الأخلاقية في المحافل الدولية؛ أصبحت موضع تساؤل متزايد.

واشنطن: الدعم الثابت للكيان ... لكن إلى متى؟

رغم جميع أنواع الدعم العسكري والسياسي المستمر من الولايات المتحدة للاحتلال؛ فإن تغيرات الداخل الأمريكي تنذر بتحولات جديدة، فتيارات داخل الحزب الديمقراطي مثل: (بيرني ساندرز واليساريين التقدميين) تعارض سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الجيل الجديد من الشباب الأمريكي (وفق استطلاعات رأي حديثة) بات أكثر تعاطفًا مع القضية الفلسطينية، وهذا ما شهدناه في احتجاجات الجامعات الأمريكية، وهذا يؤدي إلى تراجع صورة واشنطن بسبب ارتباطها بالاحتلال، ويضر بمكانتها في العالم العربي والإسلامي.

وبالرغم من التماهي الحالي في المواقف بين تل أبيب وواشنطن؛ فإن هذا التماهي لن يستمر إذا أصبحت كلفة الدعم باهظة أخلاقيًا وسياسيًا واقتصاديا، إلا أنه غير متوقع (بحسب بعض المحللين السياسيين). 

أما عن الدور الأوروبي.. فمن التوازن إلى الانحياز الواضح!! 

حاولت أوروبا بشتى الوسائل الحفاظ على حالة التوازن السياسي بين الدعم للاحتلال الإسرائيلي ومراعاة القانون الدولي، إلا أن الحرب على قطاع غزة؛ وضعت الحكومات الأوروبية في موقف حرج!! فالرأي العام الأوروبي؛ بدأ يميل بوضوح إلى دعم الفلسطينيين، كما أن حركات الضغط على الحكومات لوقف التعاون العسكري والاستخباري بدأت تتصاعد بشكل واضح وربما بدأت تتجلى ثمارها، فبعض الدول مثل: (إيرلندا، إسبانيا ومالطا) اليوم بدأوا يقتربون أكثر من الاعتراف بالدولة الفلسطينية رغم المعارضة الإسرائيلية.

الكيان في مأزق استراتيجي واضح، فقد فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في حسم المواجهة في غزة أو ردع المقاومة مما أضعف صورته أمام العالم وزوال سردية "الجيش الذي لا يُقهر"!! وكذلك توسع حملات المقاطعة الاقتصادية، وانكشاف الجرائم أمام الرأي العام العالمي؛ قد يعجّل بالعزلة السياسية والدبلوماسية، أما على صعيد المجتمع الإسرائيلي فإن النزاعات بين التيارات الدينية المحافظة (الحريديم) والعلمانية قد يهدّد بتفكّك وانقسام داخلي.


كما يبدو أن الوطن العربي والإسلامي يتجه نحو اصطفافات جديدة، فصعود شعبية المقاومة بفضل الدعم الشعبي المتزايد؛ ربما قد يغير موازين القوى، أما عن التحولات العربية، فإن بعض الأنظمة التي طبّعت مع الاحتلال قد تواجه ضغوطًا داخلية شعبية غير مسبوقة، ما قد يدفعها لإعادة النظر، وما زالتا تركية وإيران تزدادان نفوذًا ضد الهيمنة الإسرائيلية على المستوى الإقليمي. 

على الصعيد الدولي فإن مستقبل القضية الفلسطينية يزداد من خلال الاعترافات بالدولة الفلسطينية واستمرارًا لجهود محاكمة مجرمي الحرب، وتراجع الرواية الصهيونية أمام العالم الحقائق المنشورة في العالم الرقمي، والنقل المباشر للفظائع على الصعيد الإعلامي، أما استراتيجيًا؛ يُستشرف بأن تتغير العقيدة الأمنية في المنطقة العربية والإسلامية ككل؛ لصالح مقاومة شعبية مستدامة. 

أخيرًا.. بالرغم من القوة العسكرية والدعم الغربي اللامتناهي، فإن الاحتلال الإسرائيلي؛ يدخل مرحلة جديدة من التحديات يُشار بأنها "غير المسبوقة"، فالعزلة الدولية قد تلوّح في الأفق على المدى القريب، والتحولات المتسارعة في الرأي العام العالمي؛ قد تؤسس لشرق أوسط جديد ومختلف، يتصف بأنه أكثر وعيًا وأقرب للعدالة، ورغم التحديات الهائلة؛ فإن قدرة الشعوب على التأثير بدأت تترجم إلى وقائع سياسية لا يمكن تجاهلها!! 


✍🏻 الأغيد
26 مايو 2025

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.