استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

اقرأ… باكورة الوحي ومفتاح الوعي


كانت "اقرأ" أول إعلان لميلاد مشروع وعي شامل في تاريخ الإنسان، يمتد في كل العمران، ويتجاوز حدود الزمان والمكان، ويفتح للبشرية أبواب العز والسيادة والنهضة والتمكين والأمان.
وعي يؤسس للعلاقة بين الله والكون والإنسان.
وعي يسوّر أنفسنا، ويكون حائط الصد الأول أمام الضعف والهوان، ويقاوم تكلس أفكارنا، ويحصّن أوطاننا من كل انقسام وارتهان، ويؤسس لأمتنا روافع النهضة والبناء والعمران، ويمد جسور التعايش والتعاون بين الأوطان.
اقرأ… عندما غابت، انقضّ الجدار علينا، ولم ينيب عنه إلا صدورنا العارية وعقولنا الخاوية إلا من أفكار هشّة تحاول أن ترمّم ذلك الجدار وتعيد بناءه، لكنها لا تبنيه على أساسات "اقرأ" التي ترفع فوقه الوعي المقاوم للانهيار والسقوط نحو الهاوية. فتاهت عقولنا في سجون الوهم، وتهشّمت نفوسنا، وانهارت قيمنا، وفقدنا الإحساس بالجمال. انطفأنا من الداخل، فانعكست الصورة في الخارج: طائفية قسّمتنا، ومذهبية فتّتتنا، وعنصرية مزّقتنا، وأطلقنا السلاح على أقدامنا، فأوطاننا أصبحت بلا أسوار، مستباحة لكل فكرة غازية أو مغامرة مجنونة. أصبحنا في أوطاننا دمى تحركها إرادات الخارج وتوقفها متى شاءت.
وفي لحظة إدراك، علمنا أن نهر "اقرأ" ما زال يفيض لمن يغترف غرفة أو يشرب شربة منه.
ما زال بإمكاننا أن نشيّد أمجادنا، ونحفظ إرثنا، ونبني أساسًا صلبًا من الوعي المقاوم، يسوّر أنفسنا ويحميها، ويجعلنا أفرادًا كالبنيان المرصوص يشدّ بعضنا بعضًا، ونحيط بأوطاننا، ونقاوم كل مشاريع الاستبداد والظلم والطغيان.
وعي يحرّر عقولنا حتى تسمو وتكبر، وتترفع عن كل فكرة ميتة ليس فيها حياة.
وعي ندرك فيه موقعنا من التاريخ، ومسؤوليتنا في الحاضر، ورسالتنا تجاه المستقبل. يصبح فيه الوطن إطارًا جامعًا تتعدد فيه الانتماءات الجزئية، لكنها تذوب جميعًا في هوية كبرى تتسع للجميع.
وعي ينبع من قلب سليم، متسع، حساس للجمال، مصنع للنور، منارًا للآخرين.
وعي عميق لا تخدعه المظاهر، ويدرك المآلات، لا يداهن ولا يهين، ولا يلين ولا يفرّط في مبادئه وقيمه وأمانته الكبرى.
وعي يحسن الاختيارات، ويجيد الاستقراء والربط والتحليل، ويتعامل مع الأحداث بعين البصيرة.
وأخيرًا يا أحرار وحرائر اليمن:
إن مستقبل اليمن مرهون بقدرة أبنائه على ترسيخ هذا الوعي، وتحويله من خطاب نخبوي إلى ممارسة اجتماعية شاملة. وحين يصل اليمني إلى هذه المرحلة، يغدو الوطن أكثر من حدود جغرافية أو مصالح آنية، بل مشروعًا إنسانيًا حضاريًا يربط الماضي بالحاضر، ويؤسس لمستقبل تتشارك في صياغته الأجيال.
وعليه، فإن الوعي هو حصن الشعوب وصمّام أمانها الأول.
والسلام عليكم ورحمة الله.

✍🏻أوسان محمد
الاربعاء
3/9/2025

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.