استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

كيف يُزرَع العداء بين المسلمين لتبقى الهيمنة الغربية؟



             التاريخ شاهدٌ لا يُكذّب أن الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية، لم تكف يوماً عن ممارسة الظلم والهيمنة في أنحاء العالم. فقد كان دأبها الدائم أن تستضعف الضعفاء، وتنهب خيراتهم، وتُخضع الأقوياء لإرادتها، وأن تزرع الفتن بين الأمم لتبقى الشعوب منشغلة بالصراعات فيما تجلس هي على عرش السيطرة والتوجيه.
             لقد رأينا هذا النمط يتكرر في الهند وباكستان، وأفغانستان، وميانمار، ومصر، وقطر، وماليزيا، ونيبال وغيرها من البلاد التي كانت في وقتٍ ما ضحية لمؤامراتٍ سياسية واقتصادية يقودها الغرب بحجة "نشر الحرية والديمقراطية"، بينما الهدف الحقيقي هو إبقاء الشعوب في دوامة الفقر والانقسام.
            واليوم تتكرر المأساة في السودان، حيث تُرتكب جرائم تقشعرّ لها الأبدان: تُنتهك أعراض النساء أمام أزواجهنّ وأبنائهنّ، وتُيتم الأطفال، وتُهدَّم البيوت، ويُدفن الأبرياء أحياءً تحت الركام. مشاهد تُمزّق القلب، ومع ذلك يقف العالم صامتاً كأنّ شيئاً لا يحدث.
              لا الأصوات الإسلامية ترتفع بحقّ، ولا الدول الغربية التي تملأ الدنيا ضجيجاً بحقوق الإنسان تحرّك ساكناً. إنهم جميعاً شركاء في الصمت — بل إن بعضهم شركاء في الجريمة نفسها.
            والمؤلم حقاً أن دولة الإمارات، وخاصة دبي، قد أصبحت جزءاً من هذه اللعبة القذرة. فبأموالها وأسلحتها تُموَّل المعارك في السودان، ويُقتل الأبرياء، وتُغذّى نار الفتنة بين الإخوة. وكأنّ الأمة الإسلامية لم تتعلم من تاريخها الطويل أن الفتنة إذا اشتعلت لا تُبقي ولا تذر.
           فلو أن يوماً جاء وظلمت فيه الأقدار برج خليفة أو أي مدينةٍ عربيةٍ أخرى، فهل سنجد من يهبّ لنجدتهم؟ أم أننا سنرى المسلمين مرة أخرى يتقاتلون فيما بينهم، كلٌّ يزعم أنه على الحق بينما العدو الحقيقي — أمريكا ومن خلفها الغرب — يجلس متفرجاً يصفق لأن خطته نجحت وهدفه تحقق دون أن يخسر جندياً واحداً؟
              إن هذا هو جوهر الاستعمار الحديث: أن يجعلنا نحارب أنفسنا، وأن يشتري ولاءاتنا بالمال والسلاح، حتى نصبح نحن وقود حروبه، ونحن من يدمر أوطاننا بأيدينا.
             إلى متى هذا الصمت؟
إن الواجب على الأمة اليوم أن تدرك الحقيقة قبل فوات الأوان. فليس من الدين ولا من الكرامة أن نسكت على الظلم، أو أن نبرر مواقف من يموّل القتل والدمار. علينا أن نعيد ترتيب صفوفنا ونبني وعينا من جديد على أسسٍ من:
          الوعي بالمؤامرة: أن ندرك أن ما يجري في السودان واليمن وسوريا وليبيا ليس صدفة، بل تنفيذ دقيق لسياسات غربية تُدار من واشنطن ولندن وتُموَّل من عواصم عربية للأسف.
          و وحدة الصف الإسلامي: لأن التشرذم هو سلاح العدو الأكبر. متى ما اتحدت الكلمة سقطت الهيمنة.
          و الاعتماد على الذات: لا نهضة لأمةٍ تستجدي المساعدة من عدوّها. يجب أن نبني اقتصاداً وسلاحاً وقراراً مستقلاً.
           و محاسبة المتواطئين: من يمول الحروب أو يساند المعتدين يجب أن يُفضح ويُحاسب، مهما علا شأنه أو كثرت أمواله.
            و نصرة المظلومين: فالمسلم الحق لا يرضى أن يرى أمهاتٍ تُغتصب وأطفالاً يُقتلون ويسكت، لأن السكوت خيانة.

فعلی أمة الإسلام، أن تعلم أن عدوهم واحد وإن اختلفت وجوهه، وما دُمنا نتفرق ونتنازع، فسيبقى الغرب سيد القرار ونحن وقود الصراع. أما إذا اتحدنا، فسيعود إلينا مجدنا، وتخضع قوى الظلم صاغرة أمام إرادة الشعوب الحية.
            التاريخ لا يرحم الضعفاء، لكنه يُكرم من يقف بوجه الطغيان. فلنكن من هؤلاء، لا من شهود الزيف والصمت.



✍🏻 ابو خالد الھندی 

Post a Comment

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.