استثمر في نفسك اليوم، واجعل التعلم عادة يومية. ابدأ الآن واجعل العلم رفيقك في رحلة النجاح. تابعنا على تيليجرام!

الوعي الرقمي بين حرية التعبير وحفظ الأثر


أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي نافذتنا اليومية على العالم ؛ تجمع بين المعرفة والمتعة ، وتقرّب البعيد ، وتمنح الإنسان مساحة للتعبير والتأثير . لكنها في الوقت ذاته قد تتحوّل "  إن غاب الوعي " إلى ساحة يختلط فيها الحق بالباطل ، وتكثر فيها الأحكام المتسرّعة ، ونقل الأخبار دون عدل أو تدقيق .
ومن أخطر ما في هذا الفضاء الرقمي التسرّع في النشر ، أو الكتابة في الشأن العام دون تثبّت ، وكأن الكلمة تُقال ثم تزول، بينما الحقيقة أنها تبقى ، وتُحسب ، ويُبنى عليها أثر قد لا يُدرك صاحبه حجمه إلا بعد فوات الأوان .
ومن هنا تأتي هذه النصيحة الجامعة :
( اعدل بالكتابة ، ولا يجرمنّك شنآن قوم .
افصل الرأي عن المعلومة . ولا تستعمل الدليل الباطل للدفاع عن قضية عادلة ، فإنك بذلك تضرّ القضية العادلة ، وتفيد العاطل ببطلان دليلك . )

لكن الوعي لا يكتمل بالتحذير فقط ، بل بحسن الاستخدام . فوسائل التواصل ليست شرًّا في ذاتها ، وإنما أداة ، والذكي هو من يحسن التفاعل معها ، ويجعلها قيمة مضافة في حياته وعلاقاته ، لا عبئًا عليه أو مصدرًا للإساءة لصورته وسمعته .

وفي هذا السياق ، من المهم أن نتذكّر أن الإنسان في هذا العالم الافتراضي يتعامل غالبًا مع أشخاص لا يعرفهم ، ولا يعرفونه ، ومع ذلك تبقى السمعة حاضرة ، والدائرة أضيق مما نتصوّر ، والكلمة المكتوبة قد تسبق صاحبها إلى حيث لا يتوقّع .
كما أن الحوار والنقاش ، على أهميتهما ، لا يكونان نافعين في كل موضع ومع كل شخص . فليس من الحكمة أن يُستنزف الوقت والجهد في جدالٍ مع من أغلق على نفسه باب الفهم، وتمترس خلف تحيّزٍ مسبق، لا يسمع إلا صوته ، ولا يبحث عن الحقيقة بقدر ما يبحث عن الغلبة . وقديماً قيل : الجلوس مع حامل المسك خير ، ومع نافخ الكير إمّا أن يحرقك أو يُفسد عليك رائحتك ؛ فبعض النقاشات لا تؤذي الفكرة فقط ، بل تُرهق صاحبها ، مهما كان محقًّا .
من هنا ، يكون الوعي في اختيار الحوار ، كما في اختيار الكلمة ، جزءًا من حسن استخدام وسائل التواصل ، وحمايةً للنفس، وصيانةً للأثر .
والخلاصة : عليك بالنصائح للتعامل الإيجابي والواعي مع وسائل التواصل الاجتماعي :
١- اكتب وكأن من تخاطبه سيقابلك وجهًا لوجه يومًا ما .
٢- لا تجعل الخلاف في الرأي مبرّرًا لفقدان الاحترام .
٣- اختر معاركك بعقل ؛ فليس كل ما يُقال يستحق الرد ، ولا تكمل الحوار مع نافخ الكير . 
٤- تذكّر أن الصمت أحيانًا أرقى من ردّ متسرّع .
٥- احرص أن تعبّر عن نفسك دون أن تسيء لغيرك .
٦- اجعل حضورك الرقمي انعكاسًا لقيمك ، لا لانفعالك اللحظي  .
وقبل أن تكتب أو تشارك ، اسأل نفسك بصدق : هل ما أنقله حقيقة أم رأي؟
وهل ما أنقله هو الحقيقة كاملة أم جزءًا منها ؟ وهل أملك الدليل الصحيح ؟

فالكلمة مسؤولية ، وقد تكون جسرًا للإصلاح والتقارب ، كما قد تتحوّل " إن أسيء استخدامها " إلى سبب للتفرقة ، وتشويه العلاقات ، ونشر المغالطات . فاختر أن تكون كلماتك بناءً لا هدمًا ، وأثرًا حسنًا يبقى ، لا عبئًا يُحاسَب عليه صاحبه .


زياد ريس 
١٥/١٢/٢٠٢٥

إرسال تعليق

أووپس!!
يبدو أن هناك خطأ ما في اتصالك بالإنترنت. يرجى الاتصال بالإنترنت وبدء التصفح مرة أخرى.
الموافقة على ملفات تعريف الارتباط
نحن نقدم ملفات تعريف الارتباط على هذا الموقع لتحليل حركة المرور وتذكر تفضيلاتك وتحسين تجربتك.