إذا كنت متأكداً أنك ستحصل على خمسة ملايين دولار جائزة. ماذا عليك أن تفعل؟ لا شيء — مجرد إشارة واحدة فقط. نعم، مجرد إشارة واحدة. ثم ستتبدّل حياتك. ضع يدك على قلبك وفكّر للحظة: إشارة واحدة مقابل 5 ملايين دولار. كم هو ذلك؟ ( مليارٌ وأربعمائةٍ وواحدٌ وستون مليوناً وخمسمائةٍ وواحدٌ وثمانون ألفاً وخمسمائةُ روبية). نعم، ما يكفيٌ لتدليل أجيال عديدة. كل ما عليك أن تدلّ على أسير واحد، فتدخل هذه المبالغ جيبك.
تخيّل أنك في منطقة منكوبة بالحرب، حيث يخيّم الجوع في كلّ صوب. كيلو الطحين يباع بـ142 دولاراً. كيلو العدس بـ55 دولاراً. جيبك فارغ؛ البطن مربوط بحبلٍ من حجر؛ الأطفال يئنّون من الجوع. أمامك عرض خمسِ ملايين دولار يغرّك. في مثل هذه الأيام القاحلة كم تكون تلك الأموال عظيمة. ومع ذلك فقد فقدت هذه الأموال كلّ قيمتها حين رُوّج اقتِراض الإيمان بالدرهم والدينار.
تخيّلوا أنّه عُرض تقديم خمسة ملايين دولار كمكافأة لأيّ إشارة أو خبرٍ عن أسيرٍ صهيوني—مجرد خبرٍ أو إشارة تكفي—واستمرّ هذا الإعلان طيلة سبعةٍ وعشرين شهراً متتالياً. كلّ يومين أو ثلاثة تُلقى منشوراتٌ من الطائرات المروحية تحمل وعداً بحفظ سرية معلومة المُخبِر تماماً، مع رقمٍ سري للاتصال. خلال تلك الفترة كان هناك المئات من الأبطال والمحقّقين والأطباء وموظّفي الاستخبارات وكلّ من يمدّ هؤلاء الأسرى بالطعام والدواء والمأوى والملبس والماء، وكانوا جميعاً يعلمون أين هم محتجزون. ومع ذلك لم يُدلّ أحدٌ منهم للمجرم بخبرٍ واحدٍ لقاء تلك المكافأة الضخمة.
هذه هي قوّة الإيمان التي أذهلت العالم. أطلب منكم مجدداً: تأنّوا وفكّروا قليلاً. هل تستطيع العقل البشري أن يفسّر هذا؟ الحقيقة أنّ قوّة الإيمان لا تُقاس بمقاييس الدنيا. هذا هو الإيمان. ولو كان الجائزة خمسة مليارات بدلاً من خمسة ملايين، فهل كان لأحدٍ أن يُبلّغ؟
رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) قال بنفسه على شاشة التلفزيون الإسرائيلي: لو قدِّم هذا العرض لأمّةٍ أخرى لكان بالتأكيد شخصٌ واحدٌ قد أدلى بمعلومةٍ حتى عن أبيه أو أعزّ أصدقائه لقاء هذا المال الكبير! لكنّ الأمر هنا مختلفٌ تماماً.
هذا هو ذلك العقيدة التي هزّت أسس حصون العدو؛ العقيدة المولودة من محبّةٍ لمحمدٍ العربي ﷺ، ومن الوفاء واتباع السنّة التي علّمت العالم الكرامةَ والعزّة والإيمان.
هؤلاء هم الأقوام الذين باعوا متاع الدنيا واشتروا به جنّاتِ الآخرة.
يا أهلَ غزة! لقد أبرمتم بالفعل أفضل صفقةٍ ممكنة. ربِحتم البيع يا أهلَ غزةَ الشُرَفاء. يا أهلَ غزةَ الكرام! لقد أبرمتم صفقةَ الإيمان الأكثر نجاحاً. مباركٌ لكم هذا العقد العظيم.
جزاکم الله خير ما يجزي به عباده الصالحين ، ووفقنا أن نقتفي بأثركم. آمين .
✍🏻ابو خالد بن ناظر الدین القاسمی